الثلاثاء، 16 فبراير 2010

ماساة مضاعفة

لعل ابرز ما يميز ضحايا الطائرة المنكوبة هو لمة ووقفة الاهل والاقارب بجانب عوائل الضحايا الامر الذي خفف ولو جزئيا من مرارة المصيبة. والامر الثاني والاهم وهو القاسم المشترك بين جميع الضحايا هو البيوت التي خرجوا منها بعزة واحترام , تلك البيوت الجميلة التي قد تكون فخمة او متواضعة لا فرق المهم وجود منزل يستقبل صاحبه ويستقبل عشرات المعزين ووسائل الاعلام , لا شك ان بيوتهم هي نتاج سنوات وسنوات من الجهد والتعب ومن المرارة والغربة , بيوتهم تركت في اعماقي غصة وسؤال , ماذا لو كان احد اخواني (لا قدر الله الف مرة ) من ا من بين الضحايا؟؟ وافريقيا اخذت اكبرهم واصغرهم , الم يكن ابو محمد على يضعة خطوات من الطائرة؟؟ الم يقضي معظم سنوات عمره هناك سعيا وراء لقمة العيش؟؟ بلغ ابو محمد اعتاب الخمسين ولم يبلغ بيتا يضمه وعائلته بيتا يليق به وبحبه للحياة ولكن عزاء ابو محمد انه اسس وعلم الشباب وهم الثروة الحقيقية لكل اهل وهم اهم من كل البيوت والقصور ,عزاء ابو محمد ان له عائلة محبة يفخر بها وتفخر به وتسال عنه ان غاب او مرض او تكالبت عليه عوادي الزمن والناس , مهما ابتعد ومهما غاب سيظل هنا ودائما وابد من يخاف عليه ويسال عنه

ولكن الخوف والغصة الاكبر على سليم لانه بالفعل وحيد مقطوع من شجرة فعلا وليس مجازا , فلا اب ولا ام ولا زوجة او ولد ولا حتى اخوة على كثرتهم , هو يدرك واقعه ويعيشه بمرارة واسى , هو الذي ان غاب سنوات عن السمع والبصر فلن يجد من حوله من يسال او يخاف ويهرع اليه ؟ ماذا لو اصابه مكروها لا قدر الله الف مرة من سيضمه ويلمه ويخفف عنه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ماذا لو حصل الاسوا؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بيوت الضحايا فتحت عيوني على واقع مرير وقاس ماذا لو قرر احدنا الموت ؟؟؟؟؟ ماذا لو اوصى من حوله بدفنه قرب الوالدة؟؟؟ هل سنموت كما ماتت امي التي قضت عمرها بشقاء وحرمان من ابسط بديهيات الحياة الكريمة من اجل بيت يستقبلها يوم الرحيل؟؟ ماتت غريبة وبعيدة عن حلمها الكبير وقف نعشها وسط الشارع بانتظار من يستقبله ويشرع الابواب امام وفود المعزين لان بيتها لم يستقبلها فهو مهدم كما هدمت مريم في حياتها
هل سنموت مثلها وتنتظر نعوشنا من يستقبله ويفتح لها باب هل سيستقبلنا البيت الذي كان يوم بيت الاهل والاجداد ؟؟ هل سيستقبل بعد اليوم الاحياء والاموات ؟؟ هل ستشرع ابوابه بوجه كل غريب وقريب ومن لا يملك بيتا يستره ام انه تحول الى ملكية خاصة يصعب الدخول اليه الا باذن من احدا ما
اذا كانت مريم ام الشقاء وابوه قد ماتت ودفنت للاسف بغير احترام ولا اجلال ولا بيتا يودعها الى مثواها الاخير
فاين تبخر تعب هذه المراءة التي قضت عمرها تصارع وتعمل ؟؟؟ لا بل اين تعب وعذاب اربعة بنات ظلموا كما لم يظلم احد من بنات جيلهم لانهم اجبرو على العمل صغارا وقبض ثمن عذاباتهم سلفا , التجربة المريرة التي عاشوها في بيوت الاغنياء لم تمر بسلام فقد تركت اثارها الكثير من الندوب والجروح في داخل كل واحدة منهن
وذكريات لا تفارق المخيلة المتعبة ,حتى الان لم تنسى البنات الاربعة الايام السوداء والليالي الطويلة التي قضوها في بكاء مرير مرة من ظلم تعرضوا له ومرة من اشتياق الى عائلة لفظتهم الى المجهول, لم ينسى البنات ماضيهم ابدا كما لم ينسى صهري المريض نفسيا الذي يتلذذ باهانة اختي ووصفها هي وشقيقاتها بخدم البيوت او بالصناع
اين ذهب وتبخر شقاء البنات الاربعة واللواتي لم ينلن سوى السخرية والتهكم , لم ينلن ابسط حقوقهم الشرعية والقانونية ليس لانهم ضعفاء بل لان عزة نفسهم منعتهم من السؤال والمطالبة

ليست هناك تعليقات: